الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة الترجي : ثورة المهمّشين..وقرع طبول المهلّلين

نشر في  21 أكتوبر 2015  (13:07)

عاد الترجي من بعيد في سباق البطولة الوطنية عقب صائفة كارثية بالمعنى التام للكلمة تلظّى خلالها فريق أكابر كرة القدم بنيران خمس هزائم من اجمالي ستة لقاءات بدوري المجموعات، الى أن تحرّرت الأقدام تدريجيا وثبتت القطيعة مع فترة الانتكاسة عقب دربي مثير وساخن منذ أسبوع بملعب رادس ضد الجار اللدود وهو النادي الافريقي.
الفوز المذكور حرّر كثيرا الأقدام والأذهان بشكل جعل الكثير يطلقون العنان لفرحة ابتعدت نسبيا عن الترجي وهو الذي خبر سابقا منصات التتويج وآلف الأفراح والانتصارات، غير أن هزم الافريقي كسّر كل الأعراف والتقاليد هذه المرة بمشاهدة فرحة هستيرية لم يعتدها من عايشوا انجازات شيخ الأندية سابقا.
صحيح أن للفوز في لقاء الأجوار نكهة وطعم لا يعرفة الا المتنافسان من الشقّين، والواضح أن كسب الدربي يعدّ نصرا معنويا في حد ذاته، لكن كل ما سبق ذكره لا يلغي قناعة تاريخية تقول ان ناد بحجم "المكشخة" وعراقتها ممن شارف بلوغ القرن على تأسيسه يمكنه تصنيف ذلك الفوز كمجرّد كسب عادي في سباق يمتدّ على ثلاثين جولة.
الترجي استعاد فعلا جانبا من ثوابته وكرامته الكرويتين وهذا ما أقرّ به عديد الفنيين، وقد يكون هذا المكسب الأبرز لمجموعة شابة لازالت في فترة التعارف الكروي بمصطلح أدق وهي التي لم يمرّ سوى شهران فقط على تكوّنها، وهذا ما يمهّد لبناء نواة عتيد يبقى بامكانه لاحقا استعادة الثوابت محليا وخاصة قاريا وهذا الرهان الأبرز في نظرنا للترجيين..
في فريق باب سويقة لاحظ الجميع انتفاضة لعناصر كانت خارج الحسابات أو من المغضوب عليها على شاكلة معز بن شريفية بعد فترة فراغ ظرفية، كما أن فوسيني كوليبالي أثبت أن التحاقه سابقا بكتيبة الفيلة الايفوارية حين درّبها هيرفي رينار الى جانب زملاء يايا توري لم يكن لسواد عينيه، وانه ظلم سابقا بالتهميش في الترجي..كما أشّر الوافد من ترجي الجنوب حسين الربيع على امكانات واعدة تسمح له باحتلال الرواق الأيسر علاوة على تدارك بدأ يحصل لشمس الدين الذوادي بعد أن أضاع وقتا طويلا في متاهات جانبية وعيادات صحية..
وفي سياق التعرض الى المهمشين المنتفضين، لا بد من ايراد حالة طه ياسين الخنيسي الذي يدرك الجميع أن خصاله تجعله من المهاجمين الكلاسيكيين النادرين حاليا في كرتنا، وها أن ابن جرجيس يستعيد شاهية اللعب بعد موسم للنسيان في صفاقس..كما أن مايسترو وسط الميدان يسعد بقير أثبت أن بمقدوره فعل الكثير لو تواصل الأداء بمثل هذه الثقة والحماسة والابهار شريطة عدم الاغترار..
هذه معطيات تثبت كلها أن الترجي أجاد تدارك غفوته سريعا بانتدابات موجّهة مست كل الخطوط واستهدفت أبرز العناصر محليا في انتظار الاثبات من الرجايبي والرقيعي والمشاني و"الروج" والجلاصي وايشاكا ديارا..خاصة أن جميعهم يمتلك المقومات لتقديم الاضافة متى استحقهم عمار السويح الذي اكتسب من الخبرة والكفاءة ما يسمح له بالتعاطي مع مختلف الطوارىء والاشكالات التي قد تعترض مجموعته..
في مقابل كل هذه العلامات الايجابية، لا بد من التنويه بنقطة مهمة وهي أن البعض من أطلقوا العنان للفرحة واللعب على وتر المشاعر الفيّاضة وتضخيم فوز الدربي، فانهم قد يضرون الفريق من حيث لا يدرون، لأن شيخ الأندية عانى مرارا وتكرارا من مفعول عكسي لآيات الشكر والعرفان ممن تخطّها وتصدع بها بعض الأطراف لمجرّد فوز عادي..
تاريخ الترجي يفترض وجوده دائما في القمة وما الانتصارات الأربعة المحققة الا خطوة ممهدة لذلك، وهو ما يجب ادراكه حتى لا تغترّ الأقدام بسبب الشكر والثناء الزائدين عن اللزوم..


طارق العصادي